أعطني جمرة أعطني نايا – محمد القيسي
يناسبها وهي تهرب منّي
يناسبها أن أغنّي
وأن أجمع الروح ، أجمع هذي الشظايا
وما يتناثر من خفقان الجوارح ،
لا أحتسي في صباح الخميس سوى
صوتها
من بعيد يجيء
ومن مقعد من أمامي يجيء
فما بيننا غير طاولة ، غير نادله ،
غير كوبين ،
غير خريف ومنفى
وغير رصيف التعب
لماذا تصير الأغاني حطب
يناسبها وهي تهرب منّي
يناسبها أن أغنّي
وترشقني بالرماح أشورية ،
كيف تهطل برّاقة في سحاب يديها
وتأتي الفراشات ، تأتي إليها
تحوم وتهوي
وحزني يأوي .. إليّ ..
ويومي ليس يضيء
ومن آخر الأرض ، من بيتها
في أقاصي الجبل
يطلّ إذن وجهها ويجيء :
بريد الليالي الوحيدة ، لا أصدقاء ،
ولا ضوء مقهى
بريد الهديل
بريد الصحارى التي صاحبتني
فما مسحت بالمناديل حزني
ولا تركتني
أعالج هذا الرحيل
بريد الكتاب الذي لا أصل
فيا أيّها الغامض المشتعل
ويا أيّها السرّ ،
يا أيّها المستقر ، الذي لا يقّر ،
الذي لوّن الأفق بالفضة البابليّة ،
والأقحوان الغريب
وأعطى شفافية الكائنات ،
وأعطى يدي صمتها المتكّبر ، أعطى
البدايات ،
أعطى المساءات ، أعطى الوشاح
وأعطى الرياح
ممراتها باتجاه قلوعي ،
أعطني لحظة ، لأعدّ ضلوعي ،
ومن بعد يا سيدي الغامض المشتعل
أعني ، أعطني جمرة ،
وأعط عمري نايا
يناسبها وهي تهرب منّي
يناسبها أن أغنّي
وأن أجمع الروح ، أجمع هذي الشظايا
أنا النهر ، والنهر ثوبي ، ولا ثوب لي
أنا الحجل المرتحل
لا يوجد تعليقات حالياً