أطلع شمسَ الراح ليلاً أغيدُ – حيدر بن سليمان الحلي

أطلع شمسَ الراح ليلاً أغيدُ … كأنه من نورها مجسَّدُ

وزفتها تحت الدجى فاشتبهت … مدامهُ وخدّه المورّد

فلستُ أدري أجلا لامعة ً … بكفه بها المدامُ عسجد

أم يده البيضاء في رقتها … بها شعاعُ خده يتقد

ساقٌ من الجوزاء وهو المشترى … نطاقهُ وعقده المنضَّد

شمس الضحى تودُّ لو كان ابنها … وهي لها بدرُ السماء ولد

إذا أدارتْ كفه لثامَه … خلتَ الثريا للهلال تعقد

من لي بقطف زهرة ٍ من خده … وعقربُ الصدغ عليها رصد

مورَّدُ الوجنة ما استخجلته … إلا وما الورد منها بدد

مطّردٌ في خدّه ماء الحيا … ماء الحيا في خدِّه مطّرد

علقته نشوانَ من خمر الصبا … سبطَ القوام فرعه مجعَّد

أهيفُ كم تعطفتْ قامته … وهو لألحان الغنا يردد

تعطُّف البانة يثنيها الصَبا … وفوقها قمريَّة ٌ تغرّدُ

من لي لو فيها فمي يخلّد؟ … لحسنه بدرُ السماء يسجد

وشوقي الكامل ليس حره … يطفيه إلا ريقهُ المبرّد

ما الحسن إلا جمرة ٌ بخدِّه … وجمرة في القلب منّى تقد

أبردُ هاتيك بلثم هذه … يا من رأى ناراً بنارِ تبرد؟

كم ليلة ٍ بات بها مُنادى … إلى الصباح والوشاة رقّد

وسنان لم أجذبْ إلى َّ خصره … إلا ثنى أعطافه التميُّد

حتى يُرى وخصرهُ من رقة ٍ … علَّى في انعطافه منعقد

أعدْ علَّى صاحبي ذكر الطِلا … وعدّ عما يزعم المفنّد

راحك يا ابن النشوات فاغتنمْ … حظك منها والعذار أسود

وعصر اطرابك في اقتباله … غرَّة علياه سوى العز يد

وعاقر الراح يحيِّيك بها … شريكها في اللبّ إذ يغرّد

ما ولدتْ أمُّ الجمال مثله … وأقسمتْ بأنها ما تلد

ما استجمع اللذات إلا مجلسٌ … على معاطاة الكؤوس يعقد

ما هو إلا للندامى فلكٌ … به من الكأس يدور فرقد

أو روضة ٌ فيها الخدود مجتنى … من السقاة والشفاه مورد

وشادنٌ وفرته ريحانة … بطيب ريّاها النسيمُ يشهد

يا طالب العدل هلمَّ ظافراً … فالعدلُ شخصٌ قد حواه بلد

أما ترى الفيحاء كيف أصبحت … والجور من ورائها مشرَّد

هذا حسام الدين بين أهلها … أصبح والملكُ به مقلَّد

جرت ملوكُ العصر في مضماره … لغاية ٍ إلا عليه تبعدُ

فقلْ لمن يطمع في عليائه … إليكها سيارة ً مع الصَبا

فالمجد إرثٌ والندى سجية ٌ … والحمد كسبُ والعلاء مولد

تبصرُ في رواقه محجباً … منه ولا حاجبَ إلا السؤدد

قد خدمت أقلامه بيض الظبا … تُصدرها عن أمره وتورد

سيفٌ بكف الملك منه قائمٌ … مقامَ خديه الطلا والعضدُ

منزلتان ليس في كليهما … ينوب عنه الصارم المجرَّد

وأنتَ حيث باسمه شاركته … لا تفتخرْ يا أيها المهنّد

فهو على هام العداة منتضى … دأباً وأنت تنتضى وتغمد

إن أشعرتك رهبة هيبته … فمنه في صدر النديّ أسد

… طرفٌ ولا ينطق فيها مذود

مصورٌ في شخصه روحُ النهى … عليه أبراد الفخارُ جُدد

وغيره يغريك حسنُ شكله … ومنه ما في البرد إلا جسد

أبلجُ عنه واليه في الندى … تروى أحاديثُ الندى وتُسند

لهم نداهُ مشركٌ في وفره … ومدحهم حقاً له موحّد

يا خيرَ من زار الثناءُ ربعَه … فزار أزكى من نماهُ محتد

إليكما سيارة ً مع الصَبا … تتهم في نشر الثنا وتنجد

سحّارة الألفاظ بابليَّة ً … أمُّ الكلام مثلها لا تلد

بل كلُّ معنى جاهليٍ قد غدا … يودُّ منها أنه مولَّد

لا تحمدَ العودَ على قافية ِ … ما كلُّ عودٍ في الأمور أحمد

أنتَ فدمْ سيَّد أبناء العلى … ونظمها للشعر فيك سيّد