أسْمَى الذي تصبو به العشاق – ابن شهاب

أسْمَى الذي تصبو به العشاق … ويحن نحو حسانه المشتاق

ويبيت كل أبي نفس ساهراً … سعياً إليه ودمعه مهراق

والغاية القصوى التي ما فوقها … شرف تحاول نيله السباق

هو منصب العلم المنيع المعتلي … في الخافقين لواؤه الخفاق

فبه يسود المستوي في عرشه … ويجله المخلوق والخلاق

وعلى ذويه لنشره وبيانه … أخذت عهود الله والميثاق

إن العلوم على اختلاف فنونها … لذوي البصائر والنهى رستاق

فبها الفضائل تُقْتَنَى وبدرسها … تزكو النفوس وتحسن الأخلاق

وأجلّها بين العلوم مزية … ما نحوه تتطاول الأعناق

عِلْمَاً أصول الدين والفقه اللذَيْنِ … لنور الشمس هداهما إشراق

عِلْمٌ صفات الله من موضوعه … وبه فحسب من اللظى الإعتاق

وكذا المنوط بدركه التحليل والتحريم … والإحقاق والإزهاق

ناهيك من علمين من يدركهما … يختصه ذو القوة الرزاق

بهما النجاة وفيهما يتنافس … المتنافسون ويحفد الحذاق

هَيْنٌ على باغيهما الأغوار والأنجاد … والأشْئَام والأعراق

فعن المشائخ خذهما واعكف على الكتب … التي ملئت بها الآفاق

واستسقها العذب الزلال فإنما … يروي الأوام معينها الدفاق

وإذا أردت أرقَّهَا معنى وارقاها … فذاك وربك الترياق

سَفْرٌ يروق الناظرين كأنه … روض سقاه الوابل الغيداق

تقضي المعاطس من شذاه لبانه … وبحسنه تتنزّه الأحداق

عن غيره في فنه يغني وإن … يخبر فذاك جهينة المصداق

لو قلت ليس كمثله ما كان في … قولي مبالغة ولا إغراق

أضحى به جمع الجوامع مسفراً … من بعد أن قتمت به الأعماق

حسن البيان به لكل خريدة … رتقاء من تغبيره فتاق

قد أطرب الأسماع من تحبيره … وبديعه ما استحلت الأذواق

فألزمه واعن به فإنك للأولى … سبقوا إذا لازمته لحاق

هذا ولما تم قام بنشره … قدم العون المتاح وساق

وكسته أيدي الطبع قشب مطارف … خضراً وفاح عبيره العباق

والفال أفصح معلناً تاريخه … راقي السموم بطبعه الترياق