أرج الشباب – محمد مهدي الجواهري

أرجُ الشبابِ وخمرُه المسكوبُ … لَيفوحُ من أردانِكُمْ ويطيبُ

ومنَ الربيعِ نضارةٌ بوجوهكم … تَنْدىَ . ومن شهدِ الحياةِ ضريب

ومنَ الفُتوّةِ سَلْسَلٌ متحدرٌ … مما يفيضُ يكادُ يُترَعُ كوب

وَلأنتُمُ إن غاب نجمٌ يُقتدى … أو حُمَّ خَطبٌ حالِكٌ غِرْبيب

وتأزمت كُرَبٌ ، وضاقت خطّةٌ … واستوحشتْ طرقٌ لنا ودُروب

سُرُجٌ تنير الخابطين ، وأنْجُمٌ … نغدو على أضوائها وَنَؤُوب

تتجهّمُ الدُّنيا ، ويعبسُ باسمٌ … منها ، ويعتوِرُ الحياةَ قُطُوب

حتى إذا ابتسمَ ” الشبابُ ” تذوُّبَتْ … كالغيمِ في الصّحوِ الجميلِ يذوب

يا عاكفينَ على ” الدُّروس ” كأنَّهُم … غُلْبُ الصُّقورِ من الظَماء تلوب

والعازفين عن اللذائذِ همُّهمْ … ” جَرَسٌ ” يُدقُّ ومِنبرٌ وخطيب

تركوا مواعيدَ الحِسانِ وعندَهُم … بين المقاعدِ مَوْعدٌ مَضروب

أشهى من الوجهِ الجميلِ إليهمُ … وجهُ ” الكتابِ ” وَوُدُّهُ المخطوب

إن العراقَ بلا نصيرٍ منكم … وبلا مُجيرٍ ، مُقفِرٌ وجديب

عاشت سواعدُكُم فهن ضوامنٌ … أن يُسْتَرَدَّ من الحقوقِ سليب

وَزَكتْ عواطِفُكُمْ فأَيةُ ثروةٍ … منها نكافيءُ مُخلِصاً ونُثيب

وَلأْنتُمُ أنْتُمْ – وليس سواكمُ … أملُ البلادِ وذُخْرُها المطلوب

وَلأْنتُمُ إذ لا ضمائرَ تُرْتَجَى … للرافدَيْن ، ضمائرٌ وقلوب

ولأنتُمُ إن شوّشتْ صفحاتِنا … مما أُجِدَّ نقائصٌ وذُنوب

الطّاهرونَ كأنهمْ ماءُ السّما … لم يَلْتَصِقْ دَرَنٌّ بِهِمْ وعيوب

إنّا وقد جُزْنا المَدَى وتقاربتْ … آجالُنا . وأمضّنا التجريب

وتحالفتْ أطوارُنا وتمازَجَتْ … ونبا بنا التَقريعُ والتأنيب

وتخاذَلَتْ خُطواتُنا من فَرْط ما … جَدَّ السُرى ، والشدُّ ، والتقريب

لنَراكُمُ المثلَ العليَّ لأمّةٍ … ترمي إلى أهدافها وتُصيب

هي أُمّةٌ لم تحتضن آمالها … وغداً إلى أحضانِكُمْ ستؤوب

وغداً يُكفَّرُ والدٌ عما جنى … ظلماً على يدِ إبنه ويتوب

فتماسكوا فغدٌ قريبٌ فَجْرُهُ … منكم . وكلُّ مُؤمَّلٍ لَقَريب

وِتَطلّعوا يُنِرِ الطريقَ أمامَكم … قَبَسٌ يشعُّ منارهُ ، مَشبوب

وتحالفوا أنْ لا يُفّرِقَ بينكم … غاوٍ .ولا يَنْدسَّ فيكُمْ ذيب

وتذكّروا المستعمرينَ فانَّهُمْ … سَوْطٌ على هذي البلادِ وحُوب

فتفهمّوا إنَّ العراق بخيره … وثرائه ، لطَغامِهِمْ منهوب

وتميزوا فهناك وجهٌ سافرٌ … منهمْ ، وآخرُ بالخنا محجوب

وسويّة في خِزيّةٍ مستعمرٌ … أو مَنْ يُقيمُ مقامَه ويُنيب

إياكُمُ أنْ تُخدعوا بنجاحكم … فيما هو المقروءُ والمكتوب

أو تَحْسَبوُا أن الطريقَ كعهدِكم … بين الصفوفِ ” معبّدٌ ” ورحيب

ان الحياة سيبلوَنَّ جهادَكم … منها نجاحٌ مرهِقٌ ورسوب

ومُسَهَّدينَ جزاهُمُ عن ليلِهِمْ … اللهُ ، والتعليمُ ، والتدريب

أضناهُمُ تعبٌ .. وخيرُ مجاهدٍ … مُضنى يُعَبِّئُ أمّةً ” متعوب “

أأُخيَّ ” عبودٌ ” ولستَ بمُعوِزٍ … مدحاً . ولكنَّ الجُحودَ مَعيب

إن كان مسَّك و ” الحسينَ ” كلالةٌ … أو كان نالكما عناً ولُغُوب

فلأنتما والشاعرون سويةٌ … كالشمع يَهدي غيرَه ويذوب

أُلاء غرسُكما فهل مِنْ غارسٍ … يزكو كهذا ، غرسُه ويَطيب

وهلِ الخلودُ ألَذُّ مما أنتما … فيه ، وأمرُ الخالدينَ عجيب

لا يحسبون وجودَهم . ووجودُهم … قبلَ الوجودِ ، وفوقه محسوب