أجدَّ اليومَ جيرتكَ ارتحالا – جرير

أجدَّ اليومَ جيرتكَ ارتحالا … و لا تهوى بذي العشرِ الزيالا

قفا عوجا على َ دمنٍ برهبي … فحيوا رسمهنَّ وانْ أحالا

وَشَبّهْتُ الحُدوجِ غَداة َ قَوٍّ، … سَفِينَ الهِنْدِ رَوّحَ مِنْ أَوَالا

جَعَلنَ القَصْدَ عَن شَطِبٍ يميناً، … و عن أجمادِ ذي بقرٍ شمالا

جمعنْ لنا مواعدَ معجباتٍ … و بخلاً دونَ سؤلكَ واعتلالا

أوَانِيسُ لم يَعِشْنَ بعَيشِ سَوْءٍ … يجددنَ المواعدَ والمطالا

فَقَد أفنَينَ عُمرَكَ، كلَّ يَوْمٍ، … بِوَعْدٍ ما جَزَينَ بِهِ قِبالا

و لة يهوينَ ذاكَ سقينَ عذباً … على العلاتِ آونة ً زلالا

و لكنَّ الحماة َ حموكَ عنهُ … فَما تُسْقَى على ظمَإٍ بِلالا

ألا تَجْزِينَ وُدّي في لَيَالٍ، … وَأيّامٍ، وَصَلْتُ بِهِ طِوَالا

أحبُّ الظاعنينَ غداة َ قوٍّ … و لا اهوى المقيمَ بهِ الحلالا

لَقد ذرَفَتْ دُموعُكَ يَوْمَ رَدّوا … لِبَينِ الحَيّ فاحتَمَلُوا الجِمالا

و في الأظعانِ مثلُ مهى رماحٍ … نصبنَ لهُ المصايدَ والحبالا

فَمَا أشّوَينَ حِينَ رَمَينَ قَلْبي … سِهَاماً لَمْ يَرِشْنَ لهَا نِبَالا

ووَلَكِنْ بالعُيُونِ وَكُلّ خَدٍّ، … تَخَالُ بهِ، لبَهجَتِهِ، صِقالا

لَعَمْرُكَ ما يَزِيدُكَ قُرْبُ هِنْدٍ، … إذا مَا زُرْتَهَا، إلاّ خَبَالا

و قد قالَ الوشاة ُ فأفزعونا … ببَعْضِ القَوْلِ نَكْرَهُ أنْ يُقالا

رأيتكَ يا أخيطلُ إذْ جرينا … و جربتِ الفراسة ُ كنتَ فالا

و قدْ نخسَ الفرزدقُ بعدَ جهدٍ … فألقَى القَوْسَ إذْ سَئمَ النّضَالا

وَنَحنُ الأفضَلونَ، فأيَّ يَوْمَ، … تقولُ التغلبيُّ رجا الفضالا

ألمْ ترَ أنَّ عزَّ بني تميمٍ … بناهُ اللهُ يومَ بنيَ الجبالا

بَني لَهُمُ رَوَاسيَ شَامِخَاتٍ، … و عاليَ اللهِ ذروتهُ فطالا

بَنَى لي كُلُّ أزْهَرَ خِنْدِفِيٌّ، … يُبَارِي، في سُرَادِقِهِ، الشَّمالا

تنصفهُ البرية ُ وهوَ سامٍ … و يمسي العالمونَ لهُ عيالا

تواضعتِ القرومُ لخندفيّ … اذا شئنا تخمط ثمَّ صالا

وَيَسْعَى التْغلِبيُّ، إذا اجتَبْينَا، … بحزيتهِ وينتظرُ الهلالا

لَقيتُمْ، بالجَزِيرَة ِ، خَيْلَ قَيْسٍ … فقلتمْ مارَ سرجسَ لا قتالا

فلا خيلٌ لكمْ صبرتْ لخيلٍ … و لا أغنتْ رجالكمُ رجالا

و أسلتمْ شعيثَ بني مليلٍ … أصابَ السيفُ عاتقهُ فمالا

شَرِبْتَ الخَمْرَ بَعدَ أبي غُوَيْث … فَلا نَعِمَتْ لَكَ النَّشَوَاتُ بَالا

تسوفُ التغلبية ُ وهيَ سكرى … قَفَا الخِنْزِيرِ، تَحْسِبُهُ غَزَالا

تظلُّ الخمرُ تخلجُ أخدعيها … وَتَشكو في قَوَائِمِهَا امْذِلالا

أتحسبُ فلسَ أمكَ كانَ مجدا … و جدكمُ عنْ النقدِ الجفالا

تَنَاوَلْ مَا وَجدْتَ أباكَ يَبْني، … فأما الخندفيَّ فلنْ تنالا

ألَيْسَ أبو الأخَيْطِلِ تَغْلِبيّاً؟ … فبئسَ التغلبيُّ أباً وخالا

إذا ما كانَ خالكَ تغلبياً … فبادلْ إنْ وجدتَ لهُ بدالا

وَيَرْبُوعٌ تَحُلّ ذرَى الرّوَابي، … و تبني فوقها عمداً طوالا

وَقد عَلق الأخَيطلُ حَبلَ سَوْءٍ، … فأبرحَ يومهنَّ بهِ وطالاً

ألمْ ترَ يا اخيطلُ حربَ قيسٍ … تَمرّ إذا ابتَغٍيْتَ لهَا العِلالا

إذا لمْ تصحُ نشوتكمْ فذوقوا … سيوفَ الهندْ والأسلَ النهالا