أتَتْكَ وَلم تَبعُدْ على عاشِقٍ مِصرُ – بهاء الدين زهير

أتَتْكَ وَلم تَبعُدْ على عاشِقٍ مِصرُ … ووافاكَ مشتاقاً لكَ المدحُ والشعرُ

إلى الملكِ البرّ الرحيمِ فحدثوا … بأعجبِ شيءٍ إنهُ البرّّ والبحرُ

إلى الملكِ المسعودِ ذي البأسِ والندى … فأسيافهُ حمرٌ وساحاتهُ خضرُ

يَرِقّ ويَقْسُو للعُفاة ِ وللعِدى … فللهِ منهُ ذلكَ العرفُ والنكرُ

يراعي حمى الإسلامِ لا زمنَ الحمى … ويَحلُو لَهُ ثَغْرُ المَخافَة ِ لا الثّغْرُ

إذا ما أفضنا في أفانينِ ذكرهِ … يقولُ جَهُولُ القَوْمِ قد ذَهَبَ الحَصرُ

تكنفهُ منْ آلِ أيوبَ معشرٌ … بهمْ نَهضَ الإسلامُ واندحض بها

بهاليلُ أملاكٌ على كلّ منبرٍ … وفي كلّ دينارٍ يسيرُ لهمْ ذكرُ

ويكفيكَ أنّ الكاملَ الندبَ منهمُ … ويكفيكهم هذا هوَ المجدُ والفخرُ

فيَا مَلِكاً عَمّ البَسيطَة َ ذِكْرُهُ … يُرَجّى وَيُخشَى عندهُ النّفعُ والضَّرّ

لكَ الفضلُ قد أزْرَى بفَضْلٍ وَجعفَرٍ … وأصبحَ في خسرٍ لديهِ فناخسرو

وأنسَيتَ أمْلاكَ الزّمانِ الذي خَلا … فلا قُدرَة ٌ منهم تُعَدّ وَلا قَدْرُ

وكم لكَ من فعلٍ جميل فعلتهُ … فأصبح معتزاً به البيتُ والحجرُ

وَمَن يَغرِسِ المَعرُوفَ يَجنِ ثِمارَهُ … فعاجلهُ ذكرٌ وآجله أجرُ

وطوبَى لمصرٍ ما حوت منك من عُلًى … ومن مبلغٌ بغداد ما قد حوتْ مصرُ

بكَ اهتزّ ذاكَ القطرُ لما حللتهُ … وَأصْبَحَ جَذْلاناً بقُرْبكَ يَفتَرّ

رَأى لَكَ عِزّاً لم يكُنْ لمُعِزّهِ … وبعد ضياءِ الشمسِ لا يذكرُ الفجرُ

لَئن أدرَكتْ مِصرٌ بقُربكَ سُؤلَها … فَيا رُبّ مصرٍ شَقّهُ بَعدَكَ البَحرُ

يزيلُ بهِ اللأواءَ جودكَ لا الحيا … ويَجلُو به الظّلماءَ وَجهُك لا البدرُ

بلادٌ بهَا طابَ النّسيمُ لأنّهُ … يزورُكَ من أرْضٍ هيَ الهِندُ وَالشَّحرُ

وكم مَعقِلٍ فيها مَنيعٍ مَلَكْتَهُ … وَلم يَحمِهِ جيرانُهُ الأنجُمُ الزُّهرُ

أنافَ إلى أن سارتِ السحبُ تحتهُ … فلولا نداكَ الجمُّ عزّ بهِ القطرُ

وَلَوْ عَلِمَتْ صَنعاءُ أنّكَ قادِمٌ … لحلتْ لها البشرى ودامَ بها البشرُ

ألا إنّ قَوْماً غِبتَ عنهُمْ لَضُيَّعٌ … وإنّ مكاناً لستَ فيه هو القفرُ

فيا صاحبي هبْ لي بحقكَ وقفة ً … يكونُ بها عندي لك الحمدُ والأجرُ

تحملْ سلاماً وهو في الحسن روضة ٌ … تزفّ بها زهرُ الكواكبِ لا الزهرُ

تُخَصُّ به مِصرٌ وَأكنافُ قَصرِها … فيا حَبّذا مِصرٌ ويا حَبّذا القَصرُ

بعيشكَ قبلْ ساحة َ القصرِ ساجداً … وقُمْ خادِماً عني هناكَ وَلا صُغْرُ

لدى ملكٍ رحبِ الخليقة قاهرٍ … فمجلسهُ الدنيا وخادمهُ الدهرُ

سأذكي لهُ بينَ الملوكِ مجامراً … فمن ذكره ندٌّ ومن فكري الجمرُ

بقيتَ صلاحَ الدينِ للدينِ مصلحاً … تصاحبكَ التقوى ويخدمكَ النصرُ

وخذْ جملاً هذا الثناء فإنني … لأَعجَزُ عن تَفصِيلِهِ وَليَ العُذْرُ

على أنّني في عصريَ القائِلُ الذي … إذا قالَ بَزّ القائِلينَ وَلا فَخْرُ

لعمري قدأنطقتَ من كان مفحماً … لك الحمدُ ياربّ الندى ولك الشكرُ