أتى عليكِ وإن لم تشعرِي الأمدُ – مصطفى صادق الرافعي

أتى عليكِ وإن لم تشعرِي الأمدُ … وأنتِ أنتِ مضى أمسٌ وحلَّ غدُ

فهبكِ عيناً فما في الناسِ ذو نظرٍ … إلا ويؤلمهُ في عينهِ الرَّمدُ

وهبكِ قلباً فما في الخلقِ من رجلٍ … إلا ويوجِعهُ في قلبِهِ الكمدُ

وهبكِ من كبدٍ في جنبِ صاحبها … أليسَ يحملُ ما تغلي بهِ الكيدُ

عجبتُ لامرأةٍ هانتْ وما اعتبرتْ … ومن رجالٍ أهانوها وما رَشَدوا

كلاهما رجلٌ في الناسِ وامرأةٌ … ولا مميزَ إلا ذلكَ الجسدُ

وكلُّ ما حولهم في الذلِّ مثلهمُ … يُستعبدُ الكلُّ حتى النهرُ والبلدُ

يا بنتَ مصرَ ولا قومٌ تعزُّ بهمْ … ولا بلادٌ ولا أهلٌ ولا ولدُ

زاغتْ عيونُ بني مصرَ وضلَّ بها … غيُّ النفوسِ وهذا الجهلُ والفندُ

فأنتِ في نظرِ الراقينَ سائمةٌ … وفي نواظرِ فلاحيهمُ وتدُ

وأنتِ بينهمْ في كلِّ منزلةٍ … صفرُ اليسارِ بهِ يستكملُ العددُ

أقامَ في رأسكِ الجهلُ الذي سلفتْ … بهِ الليالي وفي أضلاعكِ الحسدُ

وما يحلان بيتاً كانَ في رغدٍ … إلا وهاجرَ منهُ ذلكَ الرغدُ

فالسحرُ والزارُ والأسيادُ جملتها … لأهلها نكدٌ ما مثلهِ نكدُ

ما أنتِ في الصينِ والأوثانُ قائمةٌ … وللشياطينِ في كلِّ الأمورِ يدُ

تاللهِ لوز كانَ من علمٍ وتربيةٍ … شيءٌ يمازجهُ ذا الصبرُ والجلدُ

إذا لما سخرتْ من بنتِ جمعتها … من يومُها السبتُ أو من يومُها الأحدُ

فهل ارى رجلاً فينا أو امرأةً … بعدَ الخمودِ وطولِ الذلِّ يتقدُ

يا قومُ لو نامَ ليثُ الغابِ نومكمُ … لاستنكفَ الفارُ إن قالوا لهُ أسدُ