أترى زمانُكِ بالحمى سيعادُ – مصطفى صادق الرافعي
أترى زمانُكِ بالحمى سيعادُ … أم طولُ دهرٍ كما نوى وبعادُ
سارتْ فما لبثَ الفؤادُ كأنما … بينَ الفؤادِ وبينها ميعادُ
ودَرَتْ عيوني بعدها كيفَ البكا … ودرى بعيني بعدها التسهادُ
وحسدتُ واشيها إذا استمعتْ لهُ … فعرفتُ كيفَ توجعَ الحسادُ
للهِ أيُّ مدامعٍ من بعدها … تجري وأيُّ لوعةٍ تنقادُ
كدنا نُجَنُّ وقد تأهبَ أهلُها … وجننتُ لما ودَّعوا أو كادوا
لو أنهم زموا النياقَ لسلمتْ … عينٌ وودَّعَ جانبيهِ فؤادُ
لكن جرى بالبينِ فيما بيننا … برقٌ لهُ في مرِّهِ إرعادُ
يتخطفُ الأرواحَ والأجسادَ أنْ … عرضتْ لهُ الأرواحُ والأجسادُ
ويفرقُ الشمل الجميع فإن دها … لم يمهلِ الأحبابَ أن يتنادوا
متضرمُ الأحشاءِ لا من لوعةٍ … لكنما استعرتْ بهِ الأكبادُ
كالقصرِ فيهِ لكلِّ خودٍ حجرةٌ … ولكلِّ صبٍّ مضجعٌ ووسادُ
وانهُ إذ أشرقتْ منه المهى … فلكٌ تحففَ حولهُ الأرصادُ
وكأنهُ أبراجَ السما حجراتُها … في كلِّ برجٍ كوكبٌ وقادُ
لو لم يكن للبينِ فيهِ علامةٌ … ماكانَ فيهِ من الغرابِ سوادُ
يا سعدُ هذا عصرُنا فدعِ النيا … قَ يشفها الإتهامُ والإنجادُ
واهجرْ حديثَ الرقمتبنِ وأهلهُ … بادتْ ليالي الرقمتينِ وبادوا
واذكر أحبتنا الذينَ ترحلوا … ولو أنهم رحموا القلوبَ لعادوا
أني أراهمْ كلما طلعتْ ذُكا … أو مالَ غصنُ البانةِ الميادُ
أو لاحَ لي قمرُ السما أو أثلعتْ … بينَ الرياضِ من الظِّبا الأجيادُ
ولقد رأيتُ لحاظهم مسلولةً … يومَ انتضتْ أسيافَها الأجيادُ
تلكَ السيوفُ وما سواءٌ في الهوى … ما تحملُ الظبياتُ والآسادُ
أتراهمْ ذكروا هوايَ وقد جفا … ذاتَ الجناحِ على الغصونِ رقادُ
فبكتء على شجنٍ ورجَّعتِ البكا … وتمايلتْ جزعاً لها الأعوادُ
أم يذكرونَ هوايَ إن قيلَ انقضى … أجلُ المريضِ وخفتِ العوادُ
بخلوا وجدتُ كأنما خُلقَ الهوى … وعليهِ من ظلمِ الفراقِ حدادُ
واسألهُ هلْ لهمْ إليهِ مرجعٌ … ولذلكَ الزمنِ القديمِ معادُ
فعسى يجيبكَ أني أرعى لهُ … عهدَ الودادِ وللقصورِ ودادُ
ولعلهُ يحكي تنهدَها فقدْ … يحكي الجمادُ الصوتَ وهو جمادُ