أبيتُ وجنبي ليسَ يحويهِ مضجعُ – مصطفى صادق الرافعي

أبيتُ وجنبي ليسَ يحويهِ مضجعُ … وبعضُ الذي ألقى من النومِ يُمنعُ

تقلبني الأشواقُ وخزاً كأنني … بكفِّ الهوى ثوبٌ رديمٌ يُرقَّعُ

ولي حاجةٌ في السهدِ والسهدُ قاتلي … بدمعي وبعضُ الموتِ في الماءِ ينقعُ

فيا أيها النُّوَّامُ ما لذةُ الكرى … أما لكم مثلي فؤادٌ وأضلعُ

وكيفِ تنامُ العينُ والقلبُ موجعٌ … وأنّى يصحُّ القلبُ والحسُّ يوجعُ

كأنَّ الهوى نورٌ كأنَّ بني الهوى … كواكبٌ إمَّا جنَّها الليلُ تلمعُ

وما انفكَّ نورُ الحبِّ في كلِّ كائنٍ … ولكن لأمرٍ بعضهُ ليسَ يسطعُ

وما كلُّ مصباحٍ بذي كرباءةٍ … ولا كلُّ إنسانٍ يرى الشمسَ يُوشعُ

ويا شدَّ ما ألقى من الحبِّ وحدهُ … فكيفَ وفي طبعِ الحبيبِ التمنعُ

هل الحبُّ إلا ما ترى من فضيحةٍ … وما المسكُ لولا أنهُ يتضوَّعُ

كأنَّ فؤادي شعلةٌ قد تعلقتْ … بجسمي وطبعُ النارِ في العودِ تسرعُ

وما أنا وحدي من يقولونَ عاشقٌ … ولكنني وحدي الذي يتوجَّعُ

وفي كلِّ عينٍ أدمعٌ غيرَ أنني … لعينيَّ من دونِ المساكينِ أدمعُ

أعينيَ ما دمعي عليَّ بهيِّنٍ … فكم ذا وكم ذا تجزعينَ وأجزعُ

كأنكِ في كلِّ القلوبِ فمن بكى … بكيتِ لهُ والحرُّ بالناسِ يُخدَعُ

أحاطتْ بيَ الأرزاءُ من كلِّ جانبٍ … كأنَّ الرزايا تحتَ جنبيَّ مصرعُ

كأنيَ في الآمالِ زورقُ لجَّةٍ … إذا احتملتهُ كانَ للخفضِ يرفعُ

وما كلُّ من تحنو على الطفلِ أمهُ … ولا كلُّ من تدنيهِ من للثديِ مُرضعُ

فهل ترجعِ الدنيا كما قد عهدتُها … وهل ما مضى من سالفِ العمرِ يرجعُ

ولي في الهوى شمسٌ إذا هيَ اشرقتْ … رأيتُ بها سحبَ الأسى كيفَ تُقشعُ

ولكنْ لحظي أنَّ حظيَ ليلها … ومن ذا يخالُ الشمسَ في الليلِ تطلعُ

كلانا بهِ وجدٌ ولكنهُ الهوى … دلالٌ وهجرانٌ ويأس ومطمعُ

فإن أستبنْ ما أصنعُ اليومَ يأتني … غدٌ بالذي لم أستبنْ كيفَ أصنعُ