أبا الصقرِ لستُ أرى مُهْدياً – ابن الرومي

أبا الصقرِ لستُ أرى مُهْدياً … لك المدحَ غيريَ إلا مُثابا

وقد كدتُ من فَرْط ما شَفَّني … جفاؤُك ألاَّ أُسيغَ الشرابا

ولو كنتُ أعرفُ لي إسوة ً … صبرتُ وعزَّيتُ قلباً مصابا

ولكنْ مُنِعتُ الأَسا مثلما … حُرمتُ اللُّهى من يديك الرِّغابا

وكنت قليلَ إسا المُرتجِي … إذا فاته صيِّبٌ منك صابا

وأين إسا من عَمَمْتَ الورى … سواهُ بسيبٍ يفوتُ السحابا

فلا زلتَ لا يجِدُ الحاسدو … نَ فيك سوى ذلك العابِ عابا

بل اللَّه يفديك بالحاسدي … نَ من كل عابٍ دعاءً مجابا

وإن كنتَ حَلأَّتني صادياً … وأوردتَ غيري حِياضاً عِذاباً

تُجَأجِىء ُ بالوارديها سِوا … يَ ظلما وتُفرغ فيها الذِّنابا

وإني لأرأفُهُم مَنسِماً … بساقٍ وأعفاهُمُ عنه نابا

وأغزرُهم دِرَّة ً بعد ذا … كَ عَفْواً إذا الدَّر عاصَى العِصابا

فما لعطاياكَ أضحت حِمى ً … عليَّ وأضحت لغيري نِهابا

أظنُّك خُبِّرتَ أنّي امرؤٌ … أبَرُّ الرجالَ بشعري احتسابا

وذلك أحسنُ ما في الظنون … إذا ما أخٌ بأخيه استرابا

ولو غيرُك السائِمي ما أَرى … لشعَّبتُ للظن فيه شِعابا

فقلتُ غبيٌّ كسا جهلُهُ … نواظرَهُ دون شمسي ضبابا

ورانَ على قلبه رَيْنُهُ … فليس يُريه صوابي صوابا

أذلك أو قلتٌ كان امرأً … رأى الجودَ ذنباً عظيماً فتابا

هفا هفوة ً بالندى ثم قال … أنبتُ إلى اللَّه فيمن أنابا

أذلك أو قلتُ بل لم يزلْ … أخا البخل إلا عِداتٍ كِذابا

يُريغُ ثناءً بلا نائل … يُمنِّي أمانيَّ تُلْفَى سرابا

إلى كل ذاك تميلُ النفو … س أخطأ ظنٌّ بها أم أصابا

ولكن تنخَّلْتُ فيك الظنونَ … تَنَخُّليَ المدحَ فيك اللُّبابا

وما ظنَّ من حَسَّنَ الظن فيك … فأنت الحقيقُ به لا المُحابى

على أنني رجلٌ عاتبٌ … وعتبيَ أَهدى إليك العتابا

سأبدي مَعَاتِبَ مكنونة ً … إذا هي لم تَبْدُ عادت ضِبَابَا

قبلتَ مديحي وأَنشدتَهُ … أُناساً وأمسكت عني الثوابا

وفيه سَرائر أُفشيتُهنْ … نَ إليك وكاتمتُهنَّ الحِجابا

فللَّه أنتَ وما جئتَهُ … إليَّ لقد جئت شيئاً عُجابا

أتهتك ستريَ عن خَلَّتي … وتُغْلق دون عطاياك بابا

فلو كنتَ إمَّا أنلتَ امرأً … وإما سترت عليه وخَابا

عُذِرْتَ ولكن كشفتَ الغطا … ء عنه ولَمَّا تُنِلْهُ الثوابا

سوى أنَّ خالك لي مُبرِقٌ … بوارقَ يخطفنَ طرفي التهابا

يشير إليَّ بإيماضه … ويعمد غير جنابي مَصَابَا

وإنَّ جنابيَ لو جاده … لأزكى نباتاً وأزكى ترابا

جناب إذا راده رائد … رأى المسك عند ثراه مَلاَبا

وإن جادَهُ العُرْفُ أجْنَى جنى ً … من الشكر مستعذباً مستطابا

فَحَتَّامَ تَخْطَفُ تلك البرو … قُ طرفي ويسقين غيري الذِّهابا

رضيتَ بوعدك لي نائلاً … إذا شِمْتُ في أفقَيْك السحابا

وما كنتُ بعتُك سترَ القُنُوع … لِتَنْقُدَني منه وعداً خِلابا

ومن باع ستراً على خلَّة ٍ … بوعدٍ فأخْسِرْ به حين آبا

ومن عَجَبٍ كدتَ تَجني به … عليَّ مشيباً يُعَفِّي الشّبابا

دوام احتجابك عن رائدي … ولولاي لم يَرَ منك احتجابا

وقد كان من قبلِ إيصالِهِ … هداياي أدنى جليسَيْك قابا

فأقصاه ما كان يرجو به … إليك دُنُواً ومنك اقترابا

فاعجِبْ بهاتيك من خطة ٍ … واعجبْ بألاَّ تُشيبَ الغرابا

حلفتُ لَئِنْ أنتَ لم تُرضِني … لتنصرفَنَّ القوافي غضابا